قضاء ملزم ونهائي بعدم جواز تشديد العقوبة في حالة إعادة الإجراءات في الجنايات...
وكذلك بعدم جواز الادعاء مدنيا لأول مرة في إعادة الإجراءات في الجنايات...
وأنه يجوز الادعاء مدنيا لأول مرة في المعارضة في الجنح طبقا للمادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية...
_______________
«الطعن 2790 لسنة 89 ق جلسة 22 / 3 / 2022 مكتب فني 72 هيئة عامة ق 1 ص 5
جلسة 22 من مارس سنة 2022»
-----------
الوقائع:
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 9492 لسنة 2017 جنايات مركز بلقاس (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 2492 لسنة 2017 شمال المنصورة) بأنه في يوم 7 من أبريل سنة 2017 بدائرة مركز بلقاس محافظة الدقهلية :
1 - شرع في قتل المجني عليه / إبراهيم يوسف إبراهيم علي عمداً من غير سبق إصرار أو ترصد بأن قام بالتعدي عليه بالضرب باستخدام أداة شرشرة على رأسه فتفاداها بيده اليسرى فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق قاصداً من ذلك قتله إلا أنه قد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تجمع الأهالي ومداركة المجني عليه بالعلاج وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
2 - أحرز أداة "شرشرة" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية .
وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت غيابيا في 4 من مارس سنة 2018 ، بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات .
وإذ أعيدت إجراءات المحاكمة وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
ومحكمة الإعادة - محكمة جنايات المنصورة - قضت حضورياً بجلسة 5 من نوفمبر سنة 2018 ، عملاً بالمواد 45/1 ، 46/3،2 ، 234/1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق به ، وذلك بعد إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وألزمته بالمصاريف الجنائية وبأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغاً قدره عشرة آلاف جنيه وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت مع إلزامه بمصروفات الدعوى المدنية ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
فقرر المحكوم عليه والأستاذ/ ..... المحامي - بصفته وكيلاً عن وكيل المحكوم عليه - بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 24 من ديسمبر سنة 2018 ، والأول من يناير سنة 2019 .
-------------
الهيئة:
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة قانوناً:
حيث إنه بجلسة الأول من فبراير سنة 2020 قررت الدائرة الجنائية السبت (هـ) بهذه المحكمة إحالة هذا الطعن إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية بطلب العدول عن الأحكام الصادرة من الدوائر الجنائية بالمحكمة التي قررت عدم أحقية المضرور من الجريمة الادعاء مدنيا أمام محكمة الجنايات لدى نظرها إعادة الإجراءات في الحكم الغيابي السابق صدوره منها مع تأييد الحكم الصادر في الطعن رقم 4316 لسنة 85 ق بجلسة 20 / 11 / 2017 والذي قرر بأحقية سالف الذكر في ذلك والأحكام الصادرة في ذات الشأن والمؤيدة للحكم الأخير .
✅ وحيث ان مثار الخلاف بين الأحكام المطلوب العدول عنها وبين تلك المطلوب تأييدها يدور بشأن ما اذا كان قبول محكمة الجنايات الادعاء المدني من المضرور من الجريمة لدى نظرها إعادة الإجراءات في الحكم الغيابي السابق صدوره منها يعد تشديدا محظورا عليها وفقا لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتيها الأولى والثانية المستبدلة بالقانون 11 لسنة 2017 من عدمه . لما كان ذلك وكان الأصل في الدعوى الجنائية من اختصاص القضاء الجنائي وأن الدعوى المدنية من اختصاص القضاء المدني بيد أن بعض التشريعات - ومنها القانون المصري - لاحظت الطابع الجنائي التبعي لدعوى التعويض المدنية المترتبة على الجريمة وقدرت أن انفصالها عن الدعوى الجنائية وسيرها في طريقها الطبيعي أمام القضاء المدني بنظرها قد يؤدي إلى تعطيل الإجراءات وضياع الحقوق واحتمال تضارب الأحكام فاتجهت إلى تخويل القضاء الجنائي الاختصاص بالفصل في الدعوى المدنية ، هذا بالإضافة إلى أن القضاء الجنائي اكثر قدرة على الفصل في النزاع المدني الناشئ عن الجريمة لكن هذا الاختصاص الاستثنائي للقضاء الجنائي مقيد بتبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية التي حركت أمامه . كما أن قبول هذه الدعوى يتوقف على عدم كونها معطلة للفصل في الدعوى الجنائية ، لذلك فقد نص في الفقرة الأولى من المادة 251 قانون الإجراءات الجنائية على انه : " لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعياً بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية في أية حالة كانت عليها الدعوى حتى صدور القرار بإقفال باب المرافعة طبقاً للمادة 275، ولا يقبل منه ذلك أمام المحكمة الاستئنافية. وكان من المقرر أن الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعي به ناشئاً عن ضرر للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية ، أي أن يكون طلب التعويض ناشئاً مباشرةً عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية المنظورة . ومتى تقرر أن هذه الإجازة مبناها الاستثناء فقد وجب أن تكون ممارستها في الحدود التي رسمها القانون . كما ونص في المادة 266 من ذات القانون على انه : " يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة بهذا القانون. " لما كان ذلك وكانت الفقرة الأولى من المادة 395 من ذات القانون المستبدلة بالقانون 11 لسنة 2017 قد جرى نصها على انه : " إذا حضر المحكوم عليه في غيبته، أو قبض عليه، أو حضر وكيله الخاص وطلب إعادة المحاكمة قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويعرض المقبوض عليه محبوسا بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيا حتى الانتهاء من نظر الدعوى، ولا يجوز للمحكمة في هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابي. " والأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل ، وانه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته ، لآن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه . إذ تدور الأحكام مع علتها لا مع حكمتها ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه ، وإذ جاءت عبارة " ولا يجوز في هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابي " مطلقة من كل قيد في نص الفقرة الأولى من المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية سالف الإشارة إليها ، كما أن لفظ التشديد لا يمكن أن ينصرف إلى غير المدلول العام الوارد في عبارة النص سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التعويضات لا سيما وقد أورد ذات النص في متنه عدم سقوط الحكم بالنسبة لكليهما إلا بحضور من صدر ضده الحكم الغيابي جلسات المحاكمة . كان نص المادة 395 المار ذكرها بعد تعديله وإن كان في ظاهره إجرائي إلا أنه يتضمن قاعدة موضوعية تقيد محكمة الموضوع عند إعادة الإجراءات بمحاكمة المحكوم عليه غيابياً ألا تزيد بالعقوبة أو بالتعويضات التي تحكم بها عما قضى به الحكم الغيابي ومن ثم فانه عند إعادة الإجراءات بمحاكمة المحكوم عليه غيابيا لا يجوز الإساءة إليه بتشديد العقوبة المقضي بها عليه غيابيا أو القضاء بعقوبة جديدة كما لا يجوز بالنسبة للتعويضات الحكم بها ابتداء في إعادة الإجراءات أو بزيادة مقدارها عما قضى به الحكم الغيابي ، وهذا التعديل جاء متسقا مع أصول المحاكمة المنصفة التي تحترم مبدأ أن الأصل في المتهم البراءة إعمالا للشرعية الإجرائية ، ورغم أن حضور المحكوم عليه أو القبض عليه وإعادة الإجراءات في الحكم الغيابي السابق صدوره لا يعد طعنا على الحكم الغيابي حتى يسري عليه مبدأ عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه لكن هذا المبدأ في ذاته ينبثق من أن الأصل في المتهم البراءة وينبني على مقتضيات حق الدفاع ، وهذا المعنى المتعلق بحظر التشديد في إعادة الإجراءات أمام محكمة الجنايات سواء في الدعوى الجنائية أو المدنية هو الذي كان قائما في ذهن المشرع حين اجرى التعديلين للنص سالف البيان بالقانونين رقمي 95 لسنة 2003 ، 74 لسنة 2007 بما يقطع بأن حظر التشديد في إعادة الإجراءات مطلقا يستوي في ذلك أن يكون هذا التشديد من ناحية العقوبة الجنائية أو التعويضات ، فإن ما خاض فيه الحكم الذي أجاز الادعاء المدني لأول مرة في إعادة الإجراءات من القول بالتفرقة بين زيادة التعويض والحكم به ابتداء يكون منه تخصيصا للنص دون مخصص وبلا سند من القانون كما ان من شأن الأخذ به الانتهاء إلى نتيجة يأباها المنطق وهي أن تعد زيادة مقدار التعويض تشديدا ولا يعد كذلك الحكم به ابتداء لأول مرة في إعادة الإجراءات وهو ما لا يتصور أن يكون الشارع قد قصد إليه . كما أنه لا يمكن قياس مسألة أحقية المضرور من الجريمة الادعاء مدنيا لأول مرة في إعادة الإجراءات على أحقيته في الادعاء مدنيا في المعارضة المرفوعة من المتهم أمام محكمة أول درجة ، ذلك أن تلك الأحقية الأخيرة مقررة بموجب صريح نص الفقرة الأولى من المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية سالف الإشارة إليه خاصة أن الأصل في سلطة المشرع في تنظيم الحقوق - ومن ذلك حق التقاضي - أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط تعد تخوما لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها ، وتتمثل جوهر سلطة المشرع في تنظيم الحقوق ، في المفاضلة التي يجريها بين بدائل متعددة تتزاحم فيما بينها وفق تقديره لتنظيم موضوع معين ، فلا يختار منها إلا ما يكون مناسبا اكثر من غيره لتحقيق الأغراض التي يتوخاها أو من يراه اكفل لتحقيق المصالح التي قصد حمايتها ، وإذ كان المشرع قد منح الحق للمضرور من الجريمة في الادعاء مدنيا في المعارضة المرفوعة من المتهم أمام أول درجة بموجب نص المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية إلا أن ذلك النص هو نص استثنائي لا يمكن القياس عليه ، لما هو مقرر أن إعمال القياس في تفسير القواعد الإجرائية مشروط بأنه لا قياس على نص استثنائي تطبيقا لقاعدة أن الاستثناء لا يقاس عليه .
✅ لما كان ما تقدم ، فإن المبدأ الذي قررته الأحكام التي قضت بعدم أحقية المضرور من الجريمة في الادعاء مدنيا لأول مرة في إعادة الإجراءات يكون في محله ولا ترى الهيئة العدول عنه ، وحيث كان النص في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية على أن " تشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضياً برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها ، وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة للفصل فيها ، وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل....." ،والمستفاد مما ورد في هذه المادة لا سيما ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة " فقرة / 2 " هو أنه كلما رأت العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة أصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة الهيئة ولم تلزم تلك الهيئة بعد الفصل في مسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وجوبيا ، إذ أن العدول هو الذي يلزم له نصاب الأغلبية المشار إليها ، دون الحكم في الطعن نفسه الذي يكفي فيه بعد ذلك الأغلبية العادية المقررة لإصدار الأحكام . ومن ثم ، فإن الهيئة - بعد الفصل في المسألة المعروضة - تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون .
✅ فلهذه الأسباب
قررت الهيئة العامة للمواد الجنائية :
أولا: في المسألة المعروضة على الهيئة العامة للمواد الجنائية الحكم برفض طلب العدول عن المبدأ القانوني الذي تضمنته الأحكام التي قضت بعدم أحقية المضرور من الجريمة الادعاء مدنيا ابتداء أمام محكمة الجنايات لدى نظرها إعادة الإجراءات في الحكم الغيابي السابق صدوره منها .
ثانيا : إعادة الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً للقانون .
تعليقات
إرسال تعليق